عزيمة لا تعرف المستحيل.. المغرب يهزم التاريخ ويتوج بلقب كأس العالم للشباب 2025
من سانتياغو.. المغرب يكتب تاريخًا جديدًا للكرة العربية والإفريقية بلقب Mundial U-20

بينما كان العالم يدور، توقفت قلوب الملايين من المغاربة في كل القارات. من مقاهي طنجة التي لم تغلق أبوابها، إلى شاشات البيوت في العيون التي لم تنطفئ، كانت العيون معلقة على ملعب في أقصى جنوب الكرة الأرضية: إستاد ناسيونال في سانتياغو بتشيلي.
انتصار يحمل معنى
لم تكن مجرد مباراة كرة قدم، بل كانت لحظة تاريخية تجسدت على أرض الملعب. حين دوت صافرة النهاية، احتفلت المدن المغربية فرحاً. خرج الناس إلى الشوارع كما لو أن الفجر حل مبكراً، وانطلقت أبواق السيارات في الشوارع الرئيسية، وارتفعت الأعلام فوق الأسطح.
رحلة الإيمان
جاء المئات من المشجعين من الدار البيضاء وباريس ومونتريال والدوحة وحتى مدن آسيا البعيدة. الخطوط الملكية المغربية نظمت رحلتين خاصتين إلى سانتياغو، لم تكن مجرد رحلات جماهيرية، بل رحلات حب ووفاء. كما عبر أحد المشجعين القادمين من شيكاغو: “لم أسافر لتشيلي من أجل كرة القدم فقط، بل لأشهد الحلم الذي انتظرناه منذ كنا أطفالا”.
أبطال اللقاء
في الدقيقة 12، أطلق ياسين الزبيري أول رصاصة في مرمى التاريخ بتسديدة دقيقة أشعلت المدرجات. وفي الدقيقة 29، عاد ليسجل الهدف الثاني، مجسداً لحظة لن تنسى.
بعد المباراة، وقف الزبيري متأثراً: “كنت أود أن يكون والداي هنا، أهدي لهما الكأس، وأقول للجماهير المغربية: لقد وعدناكم بالعودة بالكأس، وها هو بين أيدينا”.
فلسفة النجاح
على خط التماس، وقف المدرب محمد وهبي بهدوء الواثق من فريقه. قال بعد المباراة: “ما تحقق اليوم يتجاوز كرة القدم. أردنا أن نكسر الحاجز الزجاجي، وأن نثبت أن الشاب المغربي حين يؤمن بنفسه، يستطيع أن يغير مصيره”.
الحارس عبد الحكيم المصباحي عبر عن مشاعره: “فرحة لا توصف. نهدي اللقاء للشعب المغربي الذي سافر معنا في قلوبنا. هذه بداية فقط”.
اعتراف الخصوم
لم يخفِ المدرب الأرجنتيني دييغو بلاسينتي إعجابه: “فقدنا أعصابنا بعد الهدف الأول. المنتخب المغربي كان منظماً، صلباً، يلعب بعقل وهدوء لا يصدق”.
تتويج متكامل
جاءت الجوائز الفردية لتكرس التفوق المغربي، حيث نال عثمان معمة جائزة أفضل لاعب، وياسين الزبيري جائزة ثاني أفضل لاعب.
إرث اللحظة
ما حفر في الذاكرة يتجاوز الأسماء والأرقام. أصبحت سانتياغو لبضع ساعات مدينة مغربية أخرى. ومع بزوغ فجر اليوم التالي، كان المغرب بأكمله ما يزال ساهراً. الأطفال ناموا بالأعلام، والمقاهي لم تطفئ شاشاتها بعد.
تحت سماء تشيلي، رفع أشبال الأطلس الكأس العالية، والكاميرات التقطت وجوهاً يختلط فيها العرق بالدموع. لقد أثبت الأسود أن المستحيل مجرد كلمة عابرة، وأن الإيمان يصنع المعجزات.